حماة دجلة، 7/8/2018
تستمر النيران بالتمدد والانتشار على مساحات واسعة من هور الحويزة التابع لمحافظة ميسان جنوبي العراق، كنتيجة واضحة من نتائج الجفاف وشح الوردات المائية الى الاهوار. وصرح الناشط البيئي احمد صالح نعمة ان الحرائق بدأت في بركة ام النعاج التابعة لهور الحويزة بين يومي 6 و7 من شهر تموز الماضي، فيما انتشرت بشكل سريع واصبح بالامكان مشاهدة سحب الدخان الكثيف الاسود تغطي ارجاء تلك المنطقة وتظهر بوضوح من مسافة كيلومترات بعيده. فيما يضيف احمد موضحاً سبب نشوب تلك الحرائق، ان سكان الاهوار يعمدون الى حرق القصب والبردي اواخر كل عام في تقليد معروف بين السكان المحليين للمساعدة في تجديد حيوية الغطاء النباتي، ودفع هذه النباتات للنمو من جديد، غير ان ما حدث هذه المرة مختلف تماماً، فقد اندلعت الحرائق لأسباب خارجة عن ارداة احد، وسببها الجفاف الذي تشهده المنطقة والانخفاض الحاد في مناسيب المياه الذي ادى الى موت مئات الهكتارات من اراضي القصب والبردي وجفافها مما جعلها عرضة للحرائق بسهولة في ضل ارتفاع درجات الحرارة، كما يرجح ان يكون مصدر الحرائق اهمال بعض الصيادين.
الجنابي: هذه المرة خرجت النيران عن السيطرة !
من جانبه صرح الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية في العراق قائلاً: “الحرائق التي خرجت عن السيطرة في هو الحويزة كارثة إضافية تضاف الى كارثة الشحة المائية”. واختتم تصريحه بالقول: “هذه المرة خرجت النيران عن السيطرة!”
كما اصدرت وزارة الموارد المائية بياناً حول الموضوع جاء فيه: “في الآونة الاخيرة ظهرت حرائق في مناطق القصب الكثيف في الجزء الشمالي من هور الحويزة، احد اهوار جنوب العراق واحد المواقع الطبيعية الاربعة ضمن ممتلك التراث العالمي، واًول موقع من مواقع اتفاقية رامسار في العراق”، مبينة ان “ذلك حدث نتيجة لجفاف اجزاء واسعة منه بسبب ندرة المياه الشديدة وانخفاض التدفقات المائية الى الهور والتي وصلت الى مستوياتها الدنيا هذا العام وبشكل استثنائي”.
واضافت الوزارة ان “ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير المسبوقة ساهم في انتشار هذه الحرائق”، مشيرا الى ان “ذلك اثر بشكل سلبي على الوضع الصحي للسكان المحليين والتنوع الاحيائي في المنطقة، مع تلوث ملحوظ بالهواء من جراء تصاعد الدخان الناجمة عن هذه الحرائق”.
ووجهت الوزارة دعوة “للوكالات العالمية والمنظمات الوطنية والدولية لتقديم الدعم والاغاثة لسكان تلك المناطق وتوفير مياه الشرب لهم، والمواد الغذائية الضرورية واعلاف للمواشي لتخفيف الضرر عنهم ومساعدتهم في تجاوز هذه الازمة”، مطالبة “التعاون بين العراق وايران لتوفير الاطلاقات المائية من الجانبين لحماية الموقع”.
الحرس الثوري يتدخل على الجانب الايراني
بعد ايام من اندلاع الحرائق، امتدت لتنتشر في الجانب الايراني من هور الحويزة، مما دفع السلطات الايرانية للتحرك فوراً لإخمادها، وأشار العميد فرزادي بور إلى إجراءات الحرس الثوري لإطفاء حريق أحراش القصب في هور الحويزة، قائلاً إنه بتاريخ 18 تموز/يوليو وإثر الإيعاز الصادر عن قائد القوة الجوية للحرس الثوري فقد توجهت مروحيتان من طراز “ميل 171” مزودتان بمعدات إطفاء الحريق وكل منهما قادرة على حمل كمية 4 أطنان من المياه في كل عملية.
وقال إن مروحيات الحرس الثوري نفّذت أكثر من 70 ساعة عمليات تحليق لإطفاء الحريق في هور الحويزة، وأشار إلى أن الحريق واسع جداً في هور العظيم ونظراً للدخان الكثيف المتصاعد فإن الدخول إلى بؤرة الحريق تكتنفه صعوبات ومشاكل، وتتابع مروحيات الحرس الثوري عملية الإطفاء من القسم الجنوبي للمنطقة. وأوضح بأن جدول الأعمال يتضمن منع إندلاع الحرائق مرة أخرى في الهور، مشيراً إلى أن طائرة إيليوشن نفّذت لغاية الآن 5 مراحل من العمليات للإسراع في إطفاء الحرائق.
مركز انعاش الاهوار يناشد وزارة الدفاع
من جانبها رحبت السيدة سيمرة الشبيب مدير مركز انعاش الاهوار بالعرض الايراني للتعاون من اجل اطفاء الحرائق في الجانب العراقي من هور الحويزة بمعدات الحرس الثوري الايراني، فيما بينت ان مركزها قام بمفاتحة وزارة الدفاع العراقية قبل ذلك من اجل المساعدة للحد من تفاقم الازمة، غير ان الوزارة لم تتمكن من توفير القوة الجوية اللازمة لهذه العملية بسبب عدم توافر النوع المطلوب من الطائرات لدى العراق.
الى ذلك تشير التقارير ان الحرائق المستمرة منذ ما يزيد عن 28 يوماً تسببت بتدمير مئات الهكتارات من غابات القصب والبردي الممتدة على جوانب الاهوار، بالاضافة لتهجير العديد من انواع الطيور واحتراق اعشاشها ونفوق الكثير من الحيوانات البرية. فيما يؤكد الناشط البيئي جاسم الاسدي الى عدم وجود خسائر بشرية نتيجة لهذه الحرائق كما لم تسجل حالة احتراق للمواشي، بحسب متابعته للازمة.
ويرى السيد جاسم الاسدي ان السبب الرئيسي للحرائق هو جفاف مناطق الاهوار الكثيفة بنباتات القصب التي جفت بدورها واصبح من السهل احتراقها، ومع الارتفاع الحاد لدرجات الحرارة بدأت الحرائق بالانتقال عبر غابات القصب اليابسة بسرعة. ويشدد على ان اكبر ازمة تعانيها الاهوار العراقية هي انخفاض مناسيب المياه الامر الذي يجلب الخراب بكل اشكاله على هذه المنطقة. ويؤكد ان ازمة الجفاف تفوق كل الازمات التي تعانيها الاهوار.
تدعو جمعية حماة دجلة الحكومة العراقية والحكومة المحلية في ميسان للتعامل مع ملف الاهوار بجدية والاخذ بنظر الاعتبار حجم الضرر البيئي والطبيعي والسكاني الناتج عن هذه ال. في الوقت الذي نناشد الجهات المسؤولة بالاسراع لإخماد الحرائق ودراسة الخطط اللازمة لمنع تكرارها مستقبلاً، نطالب الحكومة العراقية بالتحرك الجدي لحل ازمة الجفاف واتخاذ الاجراءات المدروسة لإعادة الحياة لهذه المناطق الطبيعية وتلافي إلحاق المزيد من الاضرار بها.
أضف ردا