تنظم جمعية “حماة نهر دجلة” حدث “أسبوع المياه العراقي” بشكل سنوي، والذي يقام كل عام في الفترة من 14 إلى 22 مارس. يهدف هذا الحدث إلى توحيد الأفراد والمنظمات والمجتمعات في جميع أنحاء العراق وخارجه لمعالجة القضايا الحرجة المتعلقة بالمياه وتعزيز الحلول المستدامة.
وتركز فعاليات هذا العام على موضوع “البدائل والحلول المستدامة”، حيث تدعو الحكومات إلى إعادة تقييم الخطط الحالية التي تدعم قطاع البيئة والمياه، مع الاعتراف بالحاجة الماسة إلى ممارسات وسياسات مستدامة.
ونظرًا لإيمان “حماة دجلة” بأن مشاريع حصاد مياه الأمطار يمكن أن تكون وسيلة فعّالة وناجحة في المساهمة في حل أزمة المياه وتوفير جزء من الموارد المائية داخل العراق،في مساء يوم الاحد، 24 اذار 2024، نظمت الجمعية جلسة إلكترونية بعنوان “حصاد مياه الأمطار وحماية الزراعة”. وهدفت هذه الجلسة إلى تسليط الضوء على مشروع حصاد مياه الأمطار كحل بديل قد يعزز من استدامة المياه في العراق.
استضافت الجلسة الأستاذ بهاء وعد، المهندس الزراعي المختص في تطوير سبل العيش – الجامعة التقنية الشمالية، والدكتورة هبة محمد طالب، طالبة الدكتوراه في علوم الغابات والهندسة البيئية المدنية وعضو اللجنة التوجيهية لمؤسسة “انقاذ نهر دجلة” الهولندية. كما حضر الجلسة عدد من نشطاء البيئة والمهتمين بملف المياه من مختلف المحافظات، عبر منصة “زوم” والبث المباشر على “Facebook”.
بدأت الجلسة بالحديث عن التجربة السورية في مشاريع حصاد الأمطار، حيث أشارت د. هبة إلى أن سوريا تعد بلدًا زراعيًا، لكنها واجهت أزمة جفاف شديدة مؤخرًا أدت إلى فقدان كبير في المزارع والمواشي، وتدمير القطاع الزراعي، وزيادة النزوح بسبب التغيرات المناخية وعدم الاستقرار الاقتصادي. ولذا، كان البديل هو اللجوء إلى تقنيات الزراعة الخضراء. وتحدثت عن بحث قامت به مؤخرًا مع مؤسسة “انقاذ نهر دجلة” الهولندية حول مشاريع حصاد مياه الأمطار، التي تُعتبر مثالاً على البدائل الفعّالة لتحسين إدارة المياه وحماية التنوع البيولوجي، وذلك من خلال جمع وإدارة مياه الأمطار لدعم النظام البيئي وحماية التربة وتعزيز صمود الفلاحين.
وعن إمكانية تطبيق مشاريع حصاد مياه الأمطار داخل العراق، تحدث م. بهاء عن وجود مشكلة في إدارة الموارد المائية داخل البلاد. وعلى الرغم من تقديم أكثر من 40 بحثًا في حفظ المياه بواسطة “جامعة تقنية الشمالية وجامعة الموصل”، إلا أن الجهات الحكومية وتحديدًا وزارة الموارد المائية تمنع حصاد الأمطار لأنها تعتبر الامطار حقًا لجميع المحافظات. وأشار إلى أن الخبرات متوفرة في العراق لتجاوز الأزمة الحالية وتطوير الوضع القائم، ولكن حجم المشاكل المعقدة والإجراءات الحكومية تشكل عائقًا في العمل.
ولكون السدود العملاقة دائما ما تُطرح كأولوية في حل أزمة المياه، حدثت د. هبة عن الفرق بين مشاريع حصاد مياه الأمطار والسدود العملاقة، موضحةً أن هناك فرقًا شاسعًا في اختيار المواقع المناسبة لكل منهما، وتوفير المياه والاستدامة، بالإضافة إلى التكلفة والتأثير على النظام البيئي والفوائد الاجتماعية والاقتصادية. وأشارت إلى أن مشاريع حصاد مياه الأمطار تعود بمنافع أكثر بكثير من منافع السدود العملاقة.
وفيما يتعلق بوضع الزراعة في العراق، تحدث م. بهاء عن المشاكل التي يواجهها الفلاحون في نينوى وكيف تقوم الجهات الأكاديمية، بالتعاون مع المؤسسات الزراعية، بتوعية الفلاحين لتبني ممارسات ناجحة واعتماد طرق الإنتاج التي يمكن أن تواجه مخاطر التغير المناخي وتقلل من الخسائر. وتقوم هذه الجهات بتقديم دراسات ناجحة وبحوث مطبقة، ساعدت الفلاحين في تهيئة التربة واختبار البذور ومعرفة أوقات التسميد وكمياته، بالإضافة إلى استخدام طرق الري الحديثة واستخدام عمليات جديدة للانبات وغيرها من الممارسات المستدامة.
وفيما يتعلق بتساؤل “هل كمية الأمطار الحالية مشجعة لتنفيذ مشاريع حصاد الأمطار في ظل أزمة الجفاف والتغير المناخي التي نعيشها؟”، أوضحت د. هبة أن المشكلة ليست في كميات الأمطار، بل في إدارة المياه والأساليب المتبعة في الري. فعلى الرغم من تراجع معدلات تساقط الأمطار وأزمة الجفاف، فإن مشاريع حصاد الأمطار أثبتت نجاحها لأنها مصممة لحفظ مياه الأمطار واستخدامها في موسم الجفاف في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وأشارت إلى أن كل الدراسات الخاصة بمشاريع حصاد الأمطار تؤكد فعالية هذه المشاريع في المساهمة بتوفير المياه.
وفي الختام، أشارت إلى أهمية حصاد الأمطار في تمكين المجتمع وتعزيز التماسك الاجتماعي، من خلال تحسين الوصول إلى المياه وتعزيز الاقتصاد المحلي بسبب زيادة توفر المياه وبالتالي دعم الزراعة المستدامة وزيادة الإنتاجية الزراعية. وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية والحفاظ عليها وتقليل التصريف السطحي وانجراف التربة، مما يعود بالنفع على البلدان.
يمكن الاستماع إلى الجلسة الكاملة من هنا.
تأتي هذه الجلسة ضمن فعاليات “أسبوع المياه العراقي” الذي تنظمه جمعية “حماة نهر دجلة” لتسليط الضوء على القضايا البيئية والمائية لمدن نهري دجلة والفرات.
أضف ردا