حماة دجلة | أبريل 2024
في العراق، الدولة التي لديها أولويات لا تعد ولا تحصى، يصبح من الضروري مواجهة التحديات بالواقعية. وسط الجدل العالمي حول “بقاء الكوكب مقابل البلاستيك” بمناسبة يوم الأرض 2024، يتحول تركيز العراق إلى أحد همومه الأكثر إلحاحاً: المشاريع الاستثمارية التي تؤدي إلى تفاقم استنزاف المياه والموارد الطبيعية في المناطق الجنوبية، ولا سيما صحراء السماوة.
إن تأثير هذه المشاريع عميق، خاصة بالنسبة للمزارعين الذين يسعون جاهدين لتأمين الأراضي الزراعية والحصول على المياه الكافية للزراعة. ويوضح أبو غانم، وهو مزارع من صحراء السماوة، التفاوت في الدعم بين المزارعين وشركات الاستثمار المتحالفة مع الأطراف المؤثرة داخل العراق. ويؤكد بيانه حقيقة أن القانون لا ينطبق بشكل موحد على جميع المزارعين، حيث أن الانتماءات السياسية غالبا ما تملي الوصول إلى الموارد والدعم.
إن العواقب المترتبة على هذا الاختلال في التوازن صارخة. ويضطر مئات المزارعين إلى التخلي عن أراضي أجدادهم، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط على احتياطيات المياه الجوفية. وفي حين يُلام المزارعون في كثير من الأحيان على استنزاف المياه الجوفية، فإن الواقع متعدد الأوجه. وعلى الرغم من ذلك، تواصل الجهات المؤثرة، وبالتعاون مع وزارة النفط في كثير من الأحيان، حفر الآبار الارتوازية والعمودية، مما يؤدي إلى تفاقم التصحر في محافظة السماوة، والذي يصل حالياً إلى نسبة مثيرة للقلق تبلغ 90%.
وتتقاطع هذه الأزمة مع تحديات اجتماعية واقتصادية أوسع. وتتصدر محافظة المثنى التي تضم السماوة معدلات الفقر لتصل إلى 52% عام 2023. ويؤكد عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط على مركزية المزارعين في اقتصاد ومجتمع العراق. إن رفاههم وإدارتهم للأرض جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الأخضر والاستقرار الاقتصادي الشامل.
وتواجه المياه الجوفية، وهي احتياطي استراتيجي للعراق، نضوباً وشيكاً بسبب الآبار غير المرخصة. ويحذر أحمد الزبيدي، مدير إدارة المياه الجوفية الأسبق، من مغبة الحفر غير المدقق، مع وجود أكثر من 4000 بئر غير مرخصة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة. وفي منطقة الرحاب وحدها، انخفضت مستويات المياه الجوفية، حيث وصل عمق الآبار الآن إلى 150 متراً، مما يهدد الأمن المائي للمجتمعات المحلية.
وتواجه وزارة الموارد المائية ضغوطاً متزايدة من الأطراف المؤثرة التي تسعى للحصول على الموافقة على مشاريع الحفر العميق. وتكشف مصادر خاصة عن محاولات للتحايل على البروتوكولات الرسمية، مما يؤكد الحاجة الملحة للإنفاذ التنظيمي.
وبينما يواجه العراق أزمة المياه، فإن الجهود التعاونية ضرورية. ويجب على الوكالات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمنصات الإعلامية أن تتحد من أجل الدعوة إلى ممارسات الإدارة المستدامة للمياه.
دعونا لا نرفع مستوى الوعي حول التحديات البيئية العالمية فحسب، بل علينا أيضًا أن نحشد جهودنا لمعالجة أزمة المياه في العراق. إن مستقبل أرض العراق واقتصاده ونسيجه الاجتماعي يتوقف على تصميمنا الجماعي على إعطاء الأولوية للإدارة المستدامة للموارد.
أضف ردا