بقلم كاوا حسن وكاميلا بورن
برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع فريق العمل المعني بمخاطر الأمن ذات الصلة بالمناخ
تم استعرض التقرير التالي في جلسة مجلس الأمن للأمم المتحدة في تموز / يوليو 2018 والتي ناقشت العلاقة بين تغير المناخ والأمن، والتي اقيمت بإشراف الرئاسة السويدية للمجلس.
يتعرض العراق لثلاثة تهديدات رئيسية: الإرهاب والفساد وتغير المناخ. وبينما حظي النوعان الأولان باهتمام كبير، فإن المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ التي تواجه العراق لم تبدأ إلا مؤخراً في الارتقاء بجدول الأعمال. لقد هدد الإرهاب استقرار البلاد لفترة طويلة. في ذروتها (2014 و 2015)، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على ثلث العراق، وشن حملات إبادة جماعية ضد الأقليات والعراقيين الآخرين الذين رفضوا نظامهم. ومع ذلك، فإن داعش ليس هو السبب الجذري للصراع في العراق، وإنما هو أحد أعراض عقود من الدكتاتورية والفساد والسياسات الطائفية لنخب ما بعد صدام، فضلاً عن إقصاء وتهميش العرب السنة.
بعد عام من النجاح العسكري ضد داعش، وصل العراق إلى مفترق طرق حيث السلام المستدام بعيد عن الحتمية. للتصدي للمخاطر الأمنية التي تواجه العراق في مرحلة ما بعد داعش، يجب التصدي للتحديات الإرهابية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية جنباً إلى جنب مع المخاطر الأمنية المرتبطة بالمناخ. العراق واحد من أكثر بلدان الشرق الأوسط عرضة للمخاطر. تؤدي العوامل التالية من حيث الجمع بين الانبعاثات الهيدرولوجية وارتفاع درجات الحرارة والظواهر المناخية الشديدة إلى الضغط على الموارد الأساسية وتقويض الأمن المعيشي لسكان العراق. إن الفشل في مراقبة وإدارة هذه المخاطر المرتبطة بالمناخ سيزيد من خطر حصول داعش وجماعات إرهابية ما بعد داعش على الدعم واستعادة قوتها داخل المجتمعات محدودة الموارد.
في خضم هذا الخطر المعقد، حدد هذا التقرير خمسة مخاطر أمنية ذات صلة بالمناخ ذات أولوية في العراق:
1- تناقص سبل المعيشة الزراعية تزيد من الدعم المحلي للجماعات الإرهابية: لم تؤد الجهود الرامية إلى تنويع اعتماد العراق على الإيرادات النفطية (85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017) إلى أي استثمار كبير في سبل العيش الزراعية المستدامة. على الرغم من حقيقة أن هذا هو ثاني أكبر قطاع للتوظيف بعد النفط، تتلقى وزارة الزراعة واحدة من أصغر التخصيصات من الميزانية الوطنية العراقية. يتم تقويض ظروف المعيشة من خلال زيادة ندرة المياه، مما يجعل الناس في المناطق المحررة من داعش عرضة لأن يصبحوا معتمدين على الجماعات الإرهابية للحصول على الموارد الأساسية. يمكن لداعش الاستفادة من هذا الوضع، مما يؤدي إلى خطر زيادة الدعم المحلي لتنظيم داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى.
2- ضعف قدرة الحكومة على التصدي للتغير المناخي والتدهور البيئي والتصدي له: لقد ساهم الفساد وسوء الحكم والحروب وعقوبات الأمم المتحدة ومخلفات نظام صدام حسين في اضعاف اقتصاد العراق وقدرة الدولة على التخفيف من آثار تغير المناخ وتحدياته. البنية التحتية للمياه وقطاع الزراعة. لدى وزارة الموارد المائية خطة طموحة مدتها 20 سنة (2015–35) لتحديث البنية التحتية العراقية، لكن الوزارة تفتقر إلى الموارد المالية والقدرة على تنفيذها. تزداد احتمالية حدوث عواقب مثل النزاع العنيف والنزوح، لكن لم يتم دمجها ضمن خطط الاستشفاء لمرحلة ما بعد داعش.
3- زيادة الاعتماد على تدفقات المياه من الدول المجاورة والاستقرار الإقليمي: يعتبر العراق بلد مصب للمياه، مما يجعله يعتمد على تدفق المياه من البلدان المجاورة. بينما يتسبب تغير المناخ في تصاعد مشاكل عدم انتظام سقوط الأمطار في المنطقة، لهذا أصبح العراق معتمداً بالكامل على الاستقرار الإقليمي للحفاظ على معدلات الحصول إلى المياه. جزئيا نتيجة لمشاريع السدود في إيران وتركيا، يعاني العراق حاليا أسوأ أزمة في نقص المياه منذ 80 عاما. إذا تم زعزعة استقرار البلدان المجاورة – بسبب تناقص سقوط الأمطار أو تصاعد النزاع – فسيتعرض العراق للمزيد من مخاطر فقدان الموارد المائية. لا توجد حتى الآن اتفاقات أو أطر عمل رسمية لدعم المشاركة العادلة لموارد المياه الحيوية في المنطقة.
4- النزوح الجماعي والهجرة القسرية: يمكن أن يؤدي الجمع بين زيادة تقلبات سقوط الأمطار ومشاريع السدود في البلدان المجاورة إلى زيادة خطر النزوح والهجرة القسرية على طول مجرى الأنهار المكتظة بالسكان في العراق. يعيش سبعة ملايين شخص على ضفاف نهر دجلة. في تركيبة مع عدم انتظام سقوط الأمطار، إذا تم تغيير مسار المياه من قبل تركيا، فإن المصب في العراق لن يتمكن من الوصول إلى المياه للشرب أو الزراعة. هذا من شأنه أن يزيد من خطر النزوح. تواجه منطقة كردستان مخاطر مماثلة إذا تم تغيير مسار المياه من قبل إيران. سوف تتأثر سبل معيشة مئات الآلاف من الأشخاص، مما قد يتسبب في النزوح والهجرة الحضرية القسرية.
5- تصاعد التوترات الطائفية حول الحصول على الغذاء والماء: إن التغير المناخي يعرّض العراق لهطول غير منتظم للامطار ودرجات حرارة متزايدة، مما يؤدي الى مخاطر متزايدة لفترات أطول وأكثر انتظاماً من الجفاف. هذا يزيد من خطر التوترات الطائفية على الطعام والماء. إن انخفاض الدخل، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، يضغطان على الموارد المتبقية الشحيحة، مما يخاطر بزيادة التوترات داخل المجتمعات المحلية وفيما بينها. وهذا هو الحال على وجه الخصوص في المجتمعات الريفية والمهمشة حيث لم يتم وضع سياسات تكيف وتخفيف كافية. على سبيل المثال، أدى تناقص الموارد المائية في جنوب العراق إلى مظاهرات ومصادمات محلية حول حقوق المياه.
داخل العراق، تكون القدرة على مواجهة المخاطر المرتبطة بالمناخ محدودة. قدرة الحكومة على مواجهة التحديات البيئية منخفضة، والمخاطر المتتالية المرتبطة بالصراع والنزوح لا يتم النظر فيها بشكل منتظم. يركز دعم الأمم المتحدة الحالي على إدارة الأزمات قصيرة الأجل المرتبطة بالوصول إلى الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى. وقد بدأت بعض المشاريع تنظر في الاستصلاح الزراعي ودبلوماسية المياه والإدارة المستدامة للمياه ، لكن النهج مجزأ ولا يأخذ بنظر الاعتبار التفاعل مع سلام وأمن العراق.
يوصي هذا التقرير بالإجراءات التالية لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (UNAMI) وغيرها من الهيئات الدولية من أجل معالجة المخاطر الأمنية ذات الصلة بالمناخ بشكل أفضل في العراق:
• رصد المخاطر الأمنية ذات الصلة بالمناخ وتقديم إفادات إعلامية منتظمة إلى مجلس الأمن: تقدم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق امام مجلس الأمن بعض التقارير المحدودة عن التحديات المتعلقة بالجو العام بشكل افادات إعلامية، لكن المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ لا يتم الإبلاغ عنها بانتظام. ونظراً للعلاقة المتصلة بين المخاطر الأمنية ذات الصلة بالمناخ، لا سيما تلك المتعلقة بالمياه، والوضع الأمني كما هو موصوف أعلاه، فإن الرصد المنتظم للمخاطر والإبلاغ عنها ينبغي أن يكونا مصدرًا لاتخاذ القرارات والبرمجة.
• تنظيم حلقات عمل لبناء القدرات العراقية وفهم المخاطر الأمنية القصيرة الأجل والمتعلقة بالمناخ: لعبت الحكومة العراقية مؤخراً دوراً أكثر نشاطاً في زيادة الوعي بالمخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ، لا سيما فيما يتعلق بالمياه. والطاقة والتحديات البيئية الأخرى. ونظراً لقدرة الحكومة المحدودة، ستكون بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بطلب من الحكومة العراقية، في موقع جيد للمساعدة في تطوير قدرة الحكومة من خلال عقد ورش عمل تستند إلى السيناريوهات بشأن المخاطر الأمنية القصيرة الأجل والمتعلقة بالمناخ.
• تقديم الدعم الفني للحوار الإقليمي لإيجاد حلول للمياه والتحديات البيئية: بناء على طلب الوزراء العراقيين، شمل تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في يونيو 2018 طلبًا لدعم الحوار الإقليمي حول الطاقة والمياه والبيئة واللاجئين. إن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في وضع جيد لتوفير المدخلات التقنية لهذه المناقشات، مما يعكس التأثيرات المناخية القصيرة والمتوسطة الأجل المتطورة، من أجل تعزيز السلام المستدام.
• دعم السلطات العراقية في دمج النزوح الناجم عن المناخ والضعف الاقتصادي وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في خطط الإنعاش لما بعد داعش: يمكن أن تؤدي قلة الوعي بآثار المخاطر المرتبطة بالمناخ إلى تهيئة الظروف لمزيد من العنف والتطرف. يمكن لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى مساعدة الاطراف العراقية المعنية لوضع تقييمات متكاملة للمخاطر تربط بين المخاطر الأمنية المرتبطة بالمناخ والأسباب الجذرية المرتبطة بانبعاث مجموعة إرهابية، والتي من شأنها أن تسهم في إصلاح خطط الانتعاش بعد مرحلة داعش.
اقرأ التقرير الكامل بالانكليزي هنا
أضف ردا