التهديدات البيئية ونقص المياه وفرص العمل السيئة وتدني الفوائد الاجتماعية تنتج احتجاجات ضخمة في جنوب العراق

التهديدات البيئية ونقص المياه وفرص العمل السيئة وتدني الفوائد الاجتماعية تنتج احتجاجات ضخمة في جنوب العراق

مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي ١٥تموز ٢٠١٨

يستمر العراقيون بالتظاهر منذ عدة أيام في احتجاجات هائلة في جنوب العراق – في البصرة والناصرية والعامرة والكوت وكربلاء والنجف – مطالبين بالخدمات والحقوق الأساسية، والتي ابرزها المياه والكهرباء وفرص العمل. وقد تصاعدت وتيرة المظاهرات التي استهدفت حقول النفط والموانئ والمطارات ومقرات الأحزاب السياسية في الأيام الأخيرة، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة لما يزيد عن 48 درجة مئوية، فيما هدد المنظمون لهذه الاحتجاجات بأنه في حالة عدم تلبية مطالبهم المتعلقة بالمياه والخدمات الأساسية والوظائف، فإن المظاهرات سوف تستمر وتزداد وتيرتها.

لحظة حاسمة امام الحكومة العراقية لضمان حصول العراقيين على المياه النظيفة وتوفير الخدمات الأساسية، وخاصة الكهرباء. في الوقت نفسه، يجب على شركات النفط الدولية توفير الوظائف والمنافع الاجتماعية للعراقيين، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية البيئة. 

قبل أسبوع، تجمع المتظاهرون في البصرة عند مداخل حقول النفط العراقية الثلاثة: حقل غرب القرنة الذي تديره شركة لوك أويل ، حقل الرميلة الذي تديره شركة بريتيش بتروليوم وحقل غرب القرنة الذي تديره شركة إكسون موبيل. واتهم المتظاهرون الشركات الأجنبية بتلويث المياه والبيئة في مدينة البصرة وعلى نطاق أوسع في جميع أنحاء جنوب العراق. عدم تقديم منافع اجتماعية للمدن التي يعملون فيها ؛ وعدم توفير وظائف للعراقيين. في 10 يوليو / تموز، شجبت مجموعة من المتظاهرين من القرنة، شمال محافظة البصرة، الدمار البيئي وطالبت “بمعالجة ملوحة المياه العالية التي قتلت الأشجار والنباتات ودمرت أراضيهم الزراعية”.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات بعد أن فتحت الشرطة العراقية النار على المحتجين في محاولة لتفريق العشرات منهم قرب حقل غرب القرنة، مما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة ثلاثة آخرين. ويساهم في هذه التظاهرات اعداد كبيرة من الشباب تساندهم  وجوه محلية وعشائرية، قاموا بمحاصرة حقول نفطية أخرى.

في يوم الثلاثاء، 17 يوليو / تموز ، أمام حقل الزبير النفطي في البصرة، استخدمت الشرطة العراقية الهراوات وخراطيم المياه لتفريق حوالي 250 متظاهراً تجمعوا عند المدخل الرئيسي لحقل نفط كبير آخر تديره الشركة الإيطالية (إيني)، كما ذكرت وكالة رويترز. في اليوم السابق، بدأ العشرات من المحتجين في منطقة الرفاعي، شمال محافظة ذي قار، اعتصامًا مفتوحًا أمام شركة “بتروناس” الماليزية التي تدير حقل الغراف، هم أيضا يطالبون بتحسين الخدمات.

يجب على المجتمع المدني والحكومة وشركات النفط العمل معا لتعزيز استراتيجية طويلة الأمد لاحترام وحماية البيئة والحق في المياه.

اكد بيان لعشائر “حلف الجزائر”، بمحافظة البصرة، المؤلف من (عشائر بني اسد، الشرش، بني منصور، السعد، بني مالك، الامارة، السادة البوطبيخ، مياح، الكناص، حلاف البوكتايب، حلاف التمار، العلوان، وعشائر اخرى منضوية معهم) نشرت مقتطفات منه وكالة بغداد نيوز، بان البصرة وخصوصا اقضية المدينة والقرنة والنواحي التابعة لها، لم تجني من عمل الشركات النفطية الدولية العملاقة ”سوى التلوث البيئي نتيجة للسحب الدخانية“ و ”تدمير الاراضي الزراعية وتلوثها وتلوث المياه“. وطالبا هذا البيان أيضا من الشركات النفطية القيام بـ”تحسين الوضع الخدمي والبنى التحتية للاقضية والنواحي التي تتواجد بها.

ونقلت رويترز عن أحد منظمي المظاهرات (فالح الدراجي)، تسائله ”لماذا يجب على شباب البصرة أن يتوسلوا للحصول على وظيفة بينما الشركات النفطية تقوم بتوظيف عمال أجانب، هذا غير عادل و يجب أن يتوقف، وإلا فإننا سوف لن نكتفي بالتظاهر قرب الحقول النفطية بل سنقتحمها“. كما نقلت عن احد المتظاهرين الشباب(25 عاما)، حسام عبد الأمير وهو خريج جامعي عاطل عن العمل من البصرة قوله ”نريد الحصول على وظائف، نريد أن نشرب ماء نظيفا.. نريد الكهرباء. نريد أن يعاملونا كبشر وليس مثل الحيوانات“.  من جانبه، أطلق مجلس محافظة ميسان نداء عاجل، يوم الاثنين الماضي دعى فيه الحكومة المركزية إلى إجلاء العمال الأجانب من حقول النفط العراقية وغيرها من القطاعات، واستبدالهم بمواطنين من المحافظة.

تدعو مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في العراق إلى اتخاذ اجراءات فورية لتقييم الآثار البيئية والمائية لأنشطتها، والحد من آثارها السلبية والتخفيف منها، وان تفتح حوار شفاف مع المجتمع المحلي حول هذا الموضوع وحول توفير المنافع الاجتماعية المطلوبة وخصوصا المياه والكهرباء.

المياه والبيئة على سلم المشاكل التي يجب الاهتمام بها 

ويحتل موضوع المياه هذا العام الصدارة في مطالب المتظاهرين. حيث يعاني العراق من شحة مياه كبيرة تدفع ثمنها مدن ومحافظات جنوب العراق بشكل خاص. فلا يجد المواطن مياه حلوة للشرب ويتعذر على المزارعين ممارسة اعمالهم وكسب قوتهم . وتزادا ازمة المياه بسبب شحة الامطار وازدياد الملوحة وازدياد نسب تبخر المياه بسبب ارتفاع درجة الحرارة. يضاف الى ذلك تشييد تركيا وايران سدود ومشاريع على المياه المشتركة مع العراق دون استشارته ودون دراسة للاثر على حق العراقيين بالمياه أو للاثر البيئي والاحيائي لمثل هذه المشاريع. وقد تاخرت الحكومة العراقية بالتحرك لوقف مثل هذه المشاريع وطلب اللجوء الى المفاوضات طيلة الخمسة عشر سنة الماضية.

ومنعت حكومة العراق هذا العام زراعة عدد من المحاصيل مثل الرز والذرة وغيرها بسبب شحة الميها. واكد السيد وزير المياه العراقي في خطابه امام مجلس الامن الدولي يومين ان الامن والسلام في العراق مهدد بخطر كبير اذا استمرت شحة المياه. قد يتم تهجير الآلاف من الناس ليصبحو نازحين عن اراضيهم بسبب الشحة.

 يعاني العراق من تدهور بيئي خطير بسبب الاهمال ،ونشرف فريق حماة دجلة وهو منظمة محلية عراقية، تقريرا يوضح خطورة التلوث الذي يطال نهر دجلة بشكل عام. واخذ التقرير الوضع  في بغداد كمثال حيث يتسبب مصفى الدورة ومدينة الطب وهما مؤسستان رسميتان بتلويث نهر دجلة الذي يعتمد عليه قسم كبير من العراقيين كمصدر للشرب وللزراعة.

 و نبهت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو الحكومة العراقية الى ضرورة حماية الاهوار العراقية المدرجة على قائمتها للتراث العالمي، بقرارها الاخير بعد اجتماعها في المنامة، مؤكدة بان على الحكومة العراقية الانتباه الى اثر التنقيب والاستخراج النفطي على المناطق القريبة او ااتي تقع ضمن اهوار جنوب العراق، وكذلك تامين الحصص الدنيا للمياه لاستدامة الاهوار.

وتناور الحكومة بتوفير مياه اضافية لمدينة البصرة وعرض المئات من فرص العمل على ابناء البصرة في مسعى لاحتواء الازمة. وأكدت اللجان المنظمة للتظاهرات بانه في حال عدم تنفيذ الحكومة لمطالب المتظاهرين فأن ”الثورة“ و المظاهرات سوف تستمر.

وتطالب مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي الحكومة العراقية بالتحرك سريعا على مسارين، الاول توفير مياه الشرب للعراقيين جميعا ووقف كل التجاوزات على المياه والبيئة ومكافحة التلوث وادخال تقنيات ري جديدة واقتصادية. والثاني التحرك على دول الجوار للبدء بمفاوظات مفصلة تتعلق بوقف ”بسد اليسو“ الذي تشيده تركيا على نهر دجلة و وكل المشاريع الاخرى التي اقيمت دون استشارة الجانب العراقي لحين التوصل الى اتفاق يضمن حق العراقيين بالمياه.

مقالات أخرى

أضف ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.