في التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء على قناة روداو، أثارت مسألة بناء السدود في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، مخاوف بين المدافعين عن البيئة. تدور الشكوك المحيطة ببناء السدود حول استغلالها المحتمل لتحقيق مكاسب سياسية، والتجاهل الواضح لتغير المناخ والعواقب البيئية، وظلال الفساد المالي التي تلوح في الأفق.
ويفتقر إعلان رئيس الوزراء عن خطة شاملة لبناء السدود إلى مؤشرات واضحة، مما يترك الكثيرين يتساءلون عن شرعية مثل هذه المبادرة، خاصة بالنظر إلى التلاعب طويل الأمد بالمسائل المتعلقة بالمياه من قبل المسؤولين العراقيين. وتتعمق هذه الشكوك عند دراسة الدراسة الاستراتيجية لموارد المياه والأرض (سورلي)، وهي مسعى كبير ومكلف يمتد من عام 2015 إلى عام 2035. ومن المثير للدهشة أن SWERLY لا تؤيد بناء السدود كحل لتحديات المياه في العراق. وبدلا من ذلك، ينصب التركيز على الحلول البديلة وتطوير البنية التحتية.
ومما يثير القلق أن منشورًا نُشر مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي ألمح إلى التعاون بين الحكومة العراقية وشركة إيطالية لمراجعة SWERLY. وفيما لم يؤكد أي مصدر حكومي رسمي هذا التعديل، أعلنت وزارة الموارد المائية برئاسة الوزير عون ذياب عبد الله، عن التعاقد مع تحالف “هيدرونوفا” الإيطالي و”كونكورد” الأردني لتحديث الدراسة الاستراتيجية. وتشمل الدراسة المنقحة الآن دراسة أعمال التنمية في البلدان المشاطئة، وتأثير تغير المناخ على نوعية المياه في الجنوب، وخاصة في أهوار العراق، وتأثيرات المياه الجوفية على الزراعة.
ويثير غموض تصريحات رئيس الوزراء تساؤلات حرجة حول طبيعة السدود المقترحة، سواء كانت سدود خزانية، أو سدود ترشيح، أو سدود حصاد الأمطار، أو مشاريع الري الأخرى. هذا النقص في التحديد يضع الخبراء في موقف صعب، مما يجعل من الصعب تقييم الفوائد والأضرار المحتملة المرتبطة بكل نوع من أنواع السدود.
تتساءل جمعية حماة نهر دجلة عما إذا كانت وزارة الموارد المائية تهدف إلى إدخال مفردات جديدة حول بناء السدود في الدراسة المنقحة. وتنشأ هذه الشكوك وسط قضية ندرة المياه الملحة. وبحسب الخبير جاسم الأسدي، يمتلك العراق حاليا خزانات كافية، مؤكدا ضرورة التركيز على مشاريع توصيل المياه واستدامتها.
وبينما تبدو الحكومة حريصة على متابعة تطوير السدود، فإن المخاوف التي أثارها الخبراء، بمن فيهم جاسم الأسدي، تشير إلى إشراف محتمل على التحديات المرتبطة بالسدود العملاقة. ولا ينبغي تجاهل قضايا مثل نزوح السكان، والتأثير على التنوع البيولوجي، والعوائق أمام هجرة الأسماك، وتدني نوعية المياه.
وبينما نتنقل في شبكة معقدة من الدوافع السياسية، والآثار البيئية، والاعتبارات المالية، تحث جمعية حماة نهر دجلة الحكومة على إعطاء الأولوية للحلول المستدامة والانخراط في حوار شفاف مع الخبراء والجمهور. وفي وقت تتزايد فيه المخاوف المناخية، من المهم التأكد من أن أي مشاريع مقترحة تتماشى مع الهدف الأوسع المتمثل في الحفاظ على موارد العراق المائية للأجيال القادمة.
أضف ردا