تعاني الانهار في العراق من جملة من المشاكل البيئية الخطيرة التي يترتب عليها العديد من الآثار المدمرة على حياة وسبل عيش آلاف العراقيين، إذ تؤدي السدود في العراق ودول المنبع إلى قطع الجريان الطبيعي لنهري دجلة والفرات، مما ينتج عنه شحة وندرة في المياه عند المناطق الجنوبية من العراق، كما أن سوء الإدارة المائية والسياسات المجحفة لدول المنبع، وسوء استخدام المياه المحدودة اصلاً، وغياب أنظمة إدارة النفايات ومحطات معالجة المياه التي تجعل الكثير من المياه الصالحة للاستهلاك شديدة التلوث، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي تزيد من حدة الموقف بما تسببه من ارتفاع في درجات الحرارة وانخفاض معدل هطول الأمطار، جميعها أسباب تساهم في تعقيد وصول المياه إلى من يحتاجها.
لذا بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل من أجل الأنهار، 14 آذار، أطلقت جمعية حماة نهر دجلة بالتعاون مع 12 من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والحركات الاجتماعية في العراق، مبادرة “أسبوع المياه العراقي”، وهي مبادرة تسعى لتسليط الضوء على ما يعانيه العراق من تبعات التغير المناخي وسياسات المياه غير العادلة من دول المنبع والإدارة المائية غير الجادة من الجهات الحكومية العراقية، إضافةً إلى خلق فرصة للتوقف والتفكير في كيفية استخدامنا للمياه، وحث الجهات المعنية لإيجاد خطط حقيقية لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة، وقد أمتدت المبادرة حتى اليوم العالمي للمياه، المصادف في 22 آذار.
كان الشعار الذي رفعته مبادرة أسبوع المياه العراقي، هو “حق الحصول على مياه نظيفة”، من خلال هذا الشعار، عبّر النشطاء عن عدد من المشاكل والتحديات التي يواجهها نهري دجلة والفرات في مدنهم، ورفعوا مطالبات عديدة أهمها ضرورة التفاوض مع دول المنبع، والقبول بأن نهري دجلة والفرات أنهار عابرة للحدود وهي ملك لشعوب منطقة وادي الرافدين أجمع، بالإضافة إلى المطالبة بالتوزيع العادل للمياه على الصعيد المحلي ورفع التجاوزات عن نهري دجلة والفرات.
شارك في فعاليات هذا الأسبوع نشطاء بيئيين من 17 مدينة عراقية، إذ نظمت الفرق التطوعية لحماة دجلة في هذه المدن عددًا من الفعاليات والحملات الاجتماعية التي تهدف إلى زيادة الوعي، وتبادل المعلومات والتوعية بأهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها، كان أبرزها:
جيل جديد محب للبيئة في محافظة الانبار
أقام فريق حماة دجلة في مدينة هيت جلسة توعوية للأطفال وأهاليهم في مدينة العاب الأرض السعيدة، تحدثوا خلالها عن كيفية الحفاظ على المياه وعن مخاطر البلاستيك، كما استعرضوا بدائل البلاستيك الصديقة للبيئة وكيفية الحصول عليها وأهمية استخدامها، وفي ختام الجلسة قام الفريق بحملة تنظيف بمشاركة الأطفال الذين بدوا متحمسين للمحافظة على بيئتهم خالية من التلوث والنفايات.
من جانب آخر نظم فريق مدينة القائم وقفة احتجاجية للمطالبة بحماية مياه الأنهار من الملوثات والسياسات المائية غير العادلة، بعد أن قاموا بتنظيف ضفاف نهر الفرات من النفايات والمخلفات البلاستيكية، على الرغم من الأجواء المغبرة والصعاب التي واجهتهم.
أما في مدينة راوه فقد نظم حماة دجلة حملة توعوية ميدانية، قاموا خلالها بلقاء الناس وتعريفهم بأهمية حماية المياه من الاستهلاك المفرط وضرورة حماية البيئة والأنهار من الملوثات والنفايات بهدف تعزيز المسؤولية المشتركة تجاه البيئة.
وكان آخر فعاليات أسبوع المياه العراقي في الانبار، حملة تنظيف لضفاف نهر الفرات نظمها فريق مدينة عنه، بهدف تسليط الضوء على الإهمال الذي يعاني منه النهر في المدينة من قبل السلطات المعنية وقلة الوعي المجتمعي.
حملة توعية ميدانية في مدينة الديوانية
قام فريق حماة دجلة في مدينة الديوانية بحملة توعية ميدانية، التقوا خلالها باهالي منطقة صدر الدغارة، التي تقع عند بداية دخول النهر للمحافظة، تهدف الحملة إلى تعزيز قيمة المسؤولية الجماعية تجاه الواقع البيئي للأنهار، من خلال توعية الناس بأهمية الحفاظ على المياه والترشيد باستخدامه وحماية الأنهار من الملوثات التي تلقى فيها.
اهالي بابل يحتفلون بمهرجان المياه العراقي
أما في مدينة الحلة فقد نظم فريق حماة دجلة مهرجانًا على كورنيش الحلة، أطلق عليه الأهالي تسمية “مهرجان اسبوع المياه العراقي” ، تضمن المهرجان معرض لوحات للطيور التي تسكن الأهوار العراقية وقد تعرضت لخطر الانقراض والصيد الجائر، صُنعت هذه اللوحات من المخلفات والبقايا البلاستيكية بهدف إيصال رسالة عن ما تسببه المواد البلاستيكية التي تلقى في المياه من أضرار على حياة الحيوانات، تضمن المهرجان ايضًا معرضًا للأواني والأدوات الفخارية والتراثية المصنوعة من سعف النخيل (الخوص) للتوعية بضرورة استخدام بدائل البلاستيك الآمنة والصديقة للبيئة.
أقيم المهرجان بالتعاون مع فريق see الذي شارك بمعرضًا فوتوغرافيًا ومع السيد عقيل الكواز الذي قام بصنع الأدوات الفخارية وتوزيعها على المتواجدين.
وفي نشاط آخر ولحاجة المجتمع إلى التوعية والترويج لقضية حماية المياه من المخلفات البلاستيكية، قام الفريق بجمع عدد قناني المياه التي يستهلكها الفرد الواحد خلال سنة واحدة ومقارنتها بمطارة المياه، في محاولة لتشجيع المتواجدين على استخدام مطارات المياه والتقليل من استخدام المواد البلاستيكية واتباع أسلوب حياة صديق للبيئة.
من الجدير بالذكر أن هذين النشاطين قد تم توثيقهما من قبل العديد من القنوات التلفزيونية، وتم على اساسهما استضافة فريق حماة دجلة في اذاعة بابل للمشاركة في برنامج “بالتفاصيل” للحديث عن حماة دجلة وأنشطتها.
وقفة تضامنية في قلعة اشور الاثرية
خلال أسبوع المياه العراقي، قام فريق حماة دجلة في مدينة الشرقاط بتنظيم حملة تنظيف في داخل قلعة اشور الاثرية، اختتمت بجلسة نقاشية عن أهمية الآثار وضرورة المحافظة عليها من التلف كما تحدثوا عن طرق حماية المياه، إضافة إلى وقفة تضامنية طالب من خلالها الفريق بحماية الآثار وتراثنا الثقافي.
وفي نشاط آخر نظم الفريق حملة لتنظيف شاطئ نهر دجلة من النفايات والمخلفات البلاستيكية التي تؤدي إلى تلوث المياه، في خطوة لجذب الانتباه إلى الواقع السيء لانهار العراق وضرورة العمل على حمايتها من قبل السلطات المعنية.
فريق السليمانية في زيارة لأول مركز لإعادة تدوير البلاستيك في حلبجة
نظم فريق حماة دجلة في السليمانية اجتماعًا استراتيجيًا مع الشركاء في حملة انقاذ نهر دجلة، للحديث عن أعمال الجمعية ونشاطاتها ووضع خطط مستقبلية على مستوى الحملة الدولية بهدف الحفاظ على مياه نهر دجلة وحمايته من الجفاف والتلوث.
كما تضمنت أنشطة مدينة السليمانية زيارتين، إحداهما كانت لنهر سيروان الواقع على الحدود العراقية – الإيرانية والذي يعد أهم الروافد المغذية لنهر الزاب الاسفل، قام الفريق خلال هذه الزيارة مع بعض الشركاء الدوليين باستطلاع الوضع المائي للنهر والقرى المجاورة له، كما قاموا بتنظيم وقفة احتجاجية تهدف إلى تسليط الضوء على مشكلة الجفاف وشحة المياه التي يعاني منها النهر.
والأخرى كانت زيارة لأول مركز لإعادة تدوير المواد البلاستيكية في حلبجة، في خطوة لدعم المشاريع التي تساهم في تقليل اضرار البلاستيك على البيئة، ولكي يكون حافزًا للنشطاء البيئيين للبحث في إمكانية تطبيق مثل هكذا مشاريع في مدنهم.
فريق حماة دجلة في ميسان، وزيارة الصابئة المندائية لمشاركتهم الاحتفال بأعياد الخليقة
في الجنوب شارك فريق حماة دجلة في ميسان بفعاليات أسبوع المياه العراقي بشكل مختلف عن باقي المدن، حيث قام الشباب بزيارة الطائفة الصابئية المندائية في ذكرى أعياد الخليقة (البرونايا) لتهنئتهم بهذه المناسبة واستذكار واقع المياه المتدهور من خلال وقفة احتجاجية للمطالبة بحماية المياه بشكل حقيقي، وكان الهدف من هذه الزيارة، تسليط الضوء على أهمية المياه بالنسبة للشعوب والأعراق والأديان، لما لطائفة الصابئة من صلة ارتباط وثيقة بموارد المياه وصلتهم بالانهار.
نشطاء مدينة واسط يسعون لجعل مدينتهم خضراء
اما نشطاء مدينة واسط فقد قاموا بجملة من النشاطات التي تهدف إلى زيادة الغطاء الأخضر في مدينتهم، من خلال تنظيمهم لحملة تنظيف وتشجير في منتدى الرعاية العملية، قاموا خلالها بتنظيف شامل وزراعة 80 نبتة في حديقة المنتدى، كما تضمنت الحملة أعمال ادامة للتربة فضلا عن ترميم نافورة مائية وسط المنتدى.
كما نظم الفريق أيضًا مهرجانًا للزهور بالتعاون مع خبراء الزراعة ومديرية البلدية والزراعة، ساهموا خلاله بتشجير احدى المساحات الجرداء كما قاموا بتوزيع الشتلات والورود على المتواجدين، لغرض زيادة الوعي المجتمعي تجاه التشجير والزراعة والعناية بالنباتات.
وعلى هامش فعاليات أسبوع المياه العراقي وبالتزامن مع اعياد نوروز، قام الفريق بالتعاون مع البلدية بحملة تنظيف في زرباطية، الحدودية مع إيران، كما تضمنت الحملة توزيع البروشورات على المتواجدين وتوعيتهم بضرورة المحافظة على نظافة الأماكن العامة، و مخاطر المواد البلاستيكية على البيئة.
نهر دجلة في الموصل خالي من النفايات
في الموصل أقام فريق حماة دجلة، بالتعاون مع منظمة بعثة الشرق، حملة لتنظيف شواطئ نهر دجلة من النفايات والمخلفات البلاستيكية التي تؤدي إلى تلوث المياه، وتشكل ظاهرة غير حضارية قرب الانهار، كما شملت الحملة توزيع مطبوعات توعوية في شوارع المدينة تتضمن معلومات عن ضرورة حماية البيئة والمياه وأهمية الترشيد بالاستهلاك، واستهدفت العديد من شوارع المدينة في منطقة الميدان وسوق السمك ومنطقة الغابات القريبة من نهر دجلة، في خطوة لايصال رسالة إلى المجتمع بتقليل استخدام البلاستيك وعدم رمي النفايات في الأنهار والبحيرات والمحميات الطبيعية.
ومن جانب آخر وفي أول نشاط منذ تأسيس فريق حماة دجلة في مدينة تلعفر، نظم الشباب وقفة احتجاجية داعين إلى حماية البيئة والمياه من التلوث والمخلفات البلاستيكية والجفاف، رافعين شعار “البيئة مسؤولية الجميع” و”المياه حقي وحقك”.
ذي قار، وعدد من النشاطات لحماة دجلة
أما في ذي قار فقد تعددت فعاليات حماة دجلة في اسبوع المياه العراقي، إذ تضمنت حملة توعوية ميدانية، التقى خلالها الفريق بالشباب والعوائل المتواجدة في متنزه الناصرية و بينوا أهم الأخطار والتحديات البيئية ومسؤولية كل فرد في مواجهتها.
كما نظم الفريق حملة توعوية في احدى مدارس مدينة الجبايش لغرض توعية الطلاب عن خطر التلوث والمواد البلاستيكية تحديداً على المياه وحياة الكائنات، واستعرضوا البدائل الآمنة والمستدامة للبلاستيك في خطوة تهدف لخلق جيل جديد صديق للبيئة.
وفي نهاية الأسبوع قام الفريق بفتح حوار بيئي مع الناس وتوضيح مسؤولية الأفراد تجاه المياه، كما أشركوا الشباب والعوائل في المطالبة بالحصول على مياه نظيفة من خلال كتابة رسائل إلى الجهات المعنية.
13 منظمة مجتمع مدني عراقية ودولية تطالب بمزيد من العمل
قام حماة دجلة بالاضافة الى 12 منظمة عراقية ودولية بالتوقيع على بيان اسبوع المياه العراقي، بهدف تسليط الضوء على القضايا الاساسية التي تعاني منها الانهار في العراق والدفع باتجاه ايجاد حلول لها، داعيين جميع الأطراف للعمل من أجل إنقاذ طبيعة وحياة الناس الذين يعيشون في العراق.
تزامن أسبوع المياه العراقي مع اليوم العالمي للعمل من أجل الأنهار واليوم العالمي للمياه، نظرًا لكون هاتين المناسبتين تشكلان فرصة للملايين حول العالم للاحتفاء بمنجزات المدافعين عن المياه والأنهار، وكذلك لاستذكار الأخطار التي تهدد العالم بسبب إهمال التعامل بجدية مع ملف الأمن المائي وملف الأمن الغذائي المرتبط به. إذ يستثمر العالم أجمع هاتين المناسبتين للتذكير بمخاطر السدود التي تبنى على الأنهار، واضرارها على التنوع البيئي، للتذكير بالكوارث الناتجة عن الملوثات التي تدمر الأنهار والبحار حول العالم، لاستنكار استخدام المياه كسلاح من قبل بعض الدول للضغط على الشعوب، ولرفض تسليع المياه من قبل بعض الشركات الربحية التي تسعى لتحقيق أطماع شخصية على حساب المصالح الإنسانية.
لذا كان الغرض من هذه المبادرة، المطالبة بتحسين سياسات وممارسات الجهات المعنية فيما يخص المياه، بالإضافة إلى تثقيف بعضنا البعض حول التهديدات التي تواجه الأنهار، والتوحد من خلال العمل الجماعي، والمسؤولية المشتركة لإيجاد الحلول اللازمة للحد من آثار هذه الأزمة.
أضف ردا